هذه النظرية الإجمالية تحتفظ بسر جلسات الرجال مع بعضهم بعضاً، وتبقى الأسئلة التي تشغل بال المرأة عالقة : ترى ماذا يفعلون؟ وعم يتحدثون؟ وما سر هذه الصداقة المتينة؟ وهل يعني ذلك أنني غير قادرة على أن أملأ حياة زوجي؟ وحتى بين الأزواج الجدد نرى جذوراً لهذه المشكلة: هو يريد الخروج للترفيه عن نفسه بعد يوم طويل من العمل، وهي لا تستطيع مرافقته لأن طفلتها الرضيعة نائمة، وتغار ضمنياً من خروجه مع أصدقائه
فيبدأ النقاش وتتفاقم المشكلة، وتكون النتيجة سلبية في شتى الأحوال. فهل السبب هو استبداد المرأة أم (صبيانية) الرجل؟
تقول إحدى النساء إن زوجها عضو في مجموعة أصدقاء لا ينفصلون عن بعضهم أبداً. وكل شيء يمكن أن يتغير من حولهم من دون أن يؤثر في علاقتهم. وفي العطلات السنوية الكبيرة يستأجرون منزلاً قريباً من هدفهم، حيث يمارسون الصيد، أو كرة القدم، أو الغوص في البحر. . . حسب مزاجهم. وعندما يعود الزوج إلى المنزل، لا تتمكن شريكته من انتزاع ولو ثلاث كلمات منه. وتقول إن هذه العلاقة تُقلقها وتحزنها كثيراً، حتى إنها تشعر أحياناً بوجود مكيدة ما. وتُضيف: (أتساءل دائماً كيف هو مع أصدقائه وهل يحدثهم عني ياترى ، وماذا يقول ؟).
هذه الحالة، في رأي علم النفس ، تُشعر المرأة بأنها مهجورة، وتطرح سؤالاً أساسياً: (ماذا يحصل وكيف يتكلم وهي بعيدة عنه؟). إنها تعيش خوفاً نرجسياً من احتمال توقف زوجها عن التفكير بها. ولو علمت على الأقل أنه يتحدث عنها بفخر واحترام أمام أصدقائه، لارتاحت بعض الشيء.
وفي السياق نفسه تتحدث إحداهن عن الحياة الجميلة التي كان يؤمنها لها زوجها، فيحرص على إرضائها وتحقيق كل رغباتها، ولا تعنيه العلاقات الاجتماعية في مقابل أن يبقى بالقرب منها. لكنه فجأة، وبعد عشر سنوات، أصبح يهتم أكثر بعلاقاته مع أصدقائه ، ورويداً رويداً بات يسهر معهم ويُشاركهم مختلف النشاطات التي يقومون بها. وتقول الزوجة: (ألا يحق لي أن أتساءل ما سر هذا الشغف بصداقة رجالية؟). وتؤكد أنها تشعر بغيرة ساحقة في داخلها، لأنها لا تتحمل انشغاله عنها. فهما يشكلان ثنائياً رائعاً، وهي لن تسمح لهذه الصداقة أن تحول زوجها إلى مراهق، وتدفع بزواجهما إلى الهاوية.
بينما جاء رأي امرأة أخرى مختلفاً، فهي اعتادت غياب زوجها عن المنزل في الفترات المسائية، حيث يذهب إلى المقهى مع أصدقائه لشرب الشاي وتدخين الشيشة، ولعب الورق، بينما تبقى هي في البيت ويكون شغلها الشاغل تربية الأولاد. ...